دون ماء ووحدات صحية.. أيّ مساواة في المدارس العمومية التونسية؟
ندّدت عضو قسم العدالة البيئية والمناخ بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية منيارة المجبري، في مداخلة هاتفيّة خلال برنامج "ميدي شو"، الثلاثاء 23 أفريل 2024، بغياب المساواة في الخدمات العمومية بالمدارس التونسية بين مختلف الفئات، فضلا عن غياب المرافق الأساسية.
واستعرضت منيارة المجبري أبرز النقاط التي خلص إليها تقرير أعدّه قسم العدالة البيئة والمناخية، وصدر يوم 18 أفريل 2024 تحت عنوان "تداعيات غياب العدالة البيئية وآثار التغيّرات المناخية على باقي الحقوق"، والذي نبّه إلى عدم المساواة في الخدمات العمومية بالمدارس بين مختلف الفئات وغياب المرافق الأساسيّة، خاصّة في مناطق الوسط الغربي، إذ تعاني أغلب المدارس من غياب المياه والصرف الصحي، مما يؤثر على نجاح الطفل دراسيا، وصحته النفسية والجسدية، وحقه في حياة كريمة.
ووفق التقرير، فإنّ العديد من المدارس الابتدائية العمومية تعاني من القدم واهتراء بناياتها، كما تنعدم فيها أبسط الحقوق كالحقّ في الماء الصالح للشرب والصرف الصحي اللذين يتسبّب فقدهما في خطر كبير جراء انتشار الأمراض المعدية مثل أمراض التهاب الكبد الفيروسي.
"الماء الصالح للشرب في المدارس العمومية"
وبالنسبة للماء الصالح للشرب، يوجد 3222 مدرسة مرتبطة بشبكة الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه أيّ بنسبة 70 بالمائة، و834 مدرسة مرتبة بالجمعيات المائية التي ويشكو معظمها من عدة إشكاليات مادية وهيكلية مما يتسبب في انقطاع أو غياب للماء الصالح للشرب.
ويقدّر عدد المدارس الابتدائية غير المرتبطة تماما بشبكة المياه بـ 527 مدرسة ابتدائية أيّ بنسبة 12% من المدارس، حيث تتولد هذه المدارس عن طريق الصهاريج أو الخزانات من مصادر مجهولة لا يتم ذكرها لا على المواقع الرسمية لوزارة التربية ولا على مستوى هياكلها الجهوية، وهو ما يعرّض حياة العديد من التلاميذ للخطر في تعارض واضح مع الفصل 48 من الدستور التونسي الذي ينصّ على أنّه "على الدولة توفير الماء الصالح للشراب للجميع على قدم المساواة"، وفق تقرير المنتدى.
"مدارس في المناطق الريفية والداخلية دون ماء"
ويوجد في المناطق الريفية 2722 مدرسة ابتدائية أيّ ما يقارب الـ 50% من جملة المدارس في البلاد تعاني من إشكاليات التزوّد بالماء نفسها التي تعرفها المناطق الريفية مقارنة بالمدن الأكثر حظا.
وتواجه هذه المدارس صعوبات في التزود بالماء الصالح للشراب بسبب الإشكاليات في علاقة بالجمعيات المائية أو إنّها غير مرتبطة بالشبكة تماما، وهو ما يخلق فوارق اجتماعية وتمييز بين التلاميذ، كما يهدّد حقّهم في الولوج إلى التعليم في أحسن الظروف.
"الوحدات الصحية في المدارس العمومية"
يقدّر عدد المدارس الابتدائية التي تفتقر إلى وحدات صحية للسنة الدراسية 2022-2023 بـ 128 مدرسة منها 74 مدرسة بولايات الوسط الغربي (القيروان والقصرين وسيدي بوزيد) أيّ بنسبة 58%، أضف إلى ذلك غياب وحدات صحية للمعلمين في 955 مدرسة جلها في المناطق الريفية، منها 219 مدرسة ابتدائية بنفس ولايات الوسط الغربي. هذا إضافة إلى تقادم وعدم نظافة هذه الوحدات إن وجدت.
وأشار التقرير إلى أنّ واليتي منوبة وبن عروس من إقليم تونس الكبرى من أقلّ الولايات التي تتوفّر فيها المدارس على وحدات صحية، مما يؤكّد أنّ تردي البنية التحتية في المدارس العمومية ليس حكرا على الولايات المهمشة، بل يشمل أيضا بعض المناطق التي تنتمي إلى المدن الكبرى.
وكان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، قد دعا الدولة إلى الإسراع في تأهيل البنية التحتية المدرسية مع التركيز على استمرارية التزويد بالماء الصالح للشرب.
ودعا أيضا إلى ضرورة تطبيق القوانين المتعلقة بالطفل بشكل مناسب، واعتماد مقاربة دستورية للحقوق، لافتا إلى أن ذلك من شأنه خلق بيئة تشريعية آمنة للتلاميذ، تحترم حقوقهم بشكل كامل، وتتصدى بشكل واضح وجدي لانتهاكات هذه الحقوق الناجمة عن العنف.
وحثّ المنتدى هياكل الدولة أيضا على الانخراط الفاعل في إحداث مساحات خضراء في ساحات المدارس العمومية، مع الحفاظ عليها خالية من الهدر بالتعاون مع التلاميذ والأطر التربوي.
يُمكنكم الاطّلاع على تقريرالمنتدى كاملا:
"تداعيات غياب العدالة البيئية وآثار التغيرات المناخية على باقي الحقوق"